• الموقع : المجلس الإسلامي العربي .
        • القسم الرئيسي : بيانات ونشاطات .
              • القسم الفرعي : خطب الجمعة .
                    • الموضوع : الحسيني في خطبة الجمعة: حذر من مخاطر التطرف الديني والسياسي .

الحسيني في خطبة الجمعة: حذر من مخاطر التطرف الديني والسياسي

الحسيني في خطبة الجمعة: حذر من مخاطر التطرف الديني والسياسي

خلاص اللبنانيين في حضن دولتهم وثوابتها

 

ألقى سماحة العلامة السيد محمد علي الحسيني خطبة الجمعة في مصلى بني هاشم وتناول فيها ظاهرة التطرف الديني والعرقي .

وقال : تقلقنا التقارير الواردة من أبنائنا وإخواننا في أوروبا عن تصاعد حدة التطرف الرسمي والشعبي ضد الاسلام، خصوصا بعد التطورات الاخيرة في کل من المانيا وسويسرا وبلجيکا و فرنسا . هذا التطرف يعود لتصاعد المد العنصري النازي في عدد من البلدان الاوروبية وتزايد ظاهرة کراهية الجاليات الاجنبية ، وإلقاء تبعة تردي الاوضاع الاقتصادي والاجتماعية على عاتقها، من جهة . ومن جهة ثانية جاء التطرف المنسوب لبعض من الاوساط الاسلامية ليبرر التطرف الاول ويمنحه الزخم والقوة والمبرر ، فجعل الاوساط الاوروبية تتقبله بعد ان کانت ترفضه بداية جملة وتفصيلا ولاتحبذه.

لا شك ان لهذا  التطرف اهداف وغايات سياسية تتمثل باستغلال الاحزاب اليمينية المتطرفة والنازية ظاهرة العداء للعرب والمسلمين بذکاء في خدمة أهدافها وبرامجها السياسية والاجتماعية والثقافية . وهذا شأن سياسي يعالج داخل المجتمعات الاوروبية نفسها بتبيان ان الازمات الاقتصادية والاجتماعية ليست ناتجة عن وجود الاجانب بل يعود لاسباب بنيوية مرتبطة بالنظام الاقتصادي لك بلد اوروبي . ومعالجة ذلك من مسؤولية النخب الاوروبية غير المنجرفة في المد العنصري .

في المقابل ثمة مسؤولية أخرى عن هذا الواقع ، لا تقل شأنا وهي مسؤولية  التيارات المتطرفة المعشعشة هنا وهناك والتي ساهمت في حرف الانظار والعقول عن المعدن الاصيل للدين الاسلامي و تقدم عن قصد او من غير قصد صورة مشوهة ومحرفة للإسلام، لاسيما عندما تتشبث هذه القوى الظلامية الجاهلة بأصل الاسلام ورکائزه الاساسية ببعض من الاحاديث والآيات القرآنية الکريمة والتي نزلت لأسباب محددة و تسعى لتفسيرها بطرق و اساليب ملتوية .

ان هذه التيارات تخالفف قول الرسول الاکرم(ص)، في حديث شريف له: ( ان هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق)، بمعنى ان نکون شفافين وإعتداليين وواقعيين وعقلانيين عند تعاملنا مع النصوص الشرعية لاان الغلو في الاسلام ، لاسيما من المنظور القرآني کان وسيبقى مرفوضا وغير مقبول. وهذا هو منطوق الآية الکريمة(وادع الى سبيل ربك بالحکمة والموعظة الحسنة و جادلهم بالتي هي احسن)"سورة النحل"، وهي آية محکمة وليست متشابهة او ناسخة او منسوخة . وهذا يعني انها من الاحكام الاساسية للقرآن الکريم، ومن هنا فإن هکذا دعوة تسامحية إنسانية وعالية وراقية الشکل والمستوى عندما تصب في آية محکمة فإنها بمثابة رسالة ذات مغزى کبير جدا للأمة الاسلامية بشکل خاص وللأنسانية بشکل عام .

اننا کمرجعية اسلامية ، نؤمن تماما بأن الاسلام دين التسامح والوسطية والتعايش السلمي وانه يرفض کل معايير و قيم العنف و التطرف والارهاب حيث أن الله سبحانه و تعالى يقول في سورة إيلاف: (فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع و آمنهم من خوف)، والامن من الخوف يشمل أيضا منح الاطمئنان للإنسان من الارهاب بمختلف صنوفه والوانه، واننا ندعو مراجع وعلماء ومفکري الامة الاسلامية بمختلف مذاهبها وإتجاهاتها الفکرية للوقوف موقف مسؤول من قضية الارهاب وتغذيته لاسيما في  البلدان غير الاسلامية حتى نعطي ونعکس الانطباع الاصح عن ديننا الحنيف واننا لواثقون بأن صدور هکذا موقف سيکون حاسما للجم الارهاب بداية ومن ثم القضاء عليه من اساسه .

ان ما جرى في مدينة الاسكندرية من اعتداء ارهابي شنيع لهو خير مثال على نقوله عن التطرف ومساوئه ، اذ انه يشل العقول ويعمي القلوب ، فلا ترى ان الوجود المسيحي في المنطقة العربية متجذر في التاريخ وراسخ في الجغرافيا ، ولايمكن لاحداث طارئة ان تغير هذه الحقيقة ، او ان تبدل في الواقع التعددي الحضاري لهذه المنطقة . وان النصارى في ديار العروبة الاسلام هم مواطنون يتمتعون بحقوق مثلهم مثل سائر الناس .

 ان هكذا جريمة ارهابية لا يمكن نسبها الى الاسلام ولا يمكن ان تصدر عن مسلم حقيقي لان ديننا الحنيف ، هو دين الاعتراف بالآخر ، ووهو رسالة تسامح ومحبة . واذا تبنت جهة ما هذا الاعتداء تحت مسمى اسلامي ما ، فانها تزور روح ونص الدين الاسلامي .

كما ان المستفيدين من هذا الاعتداء هم اعداء الامة العربية والاسلامية من اصحاب المشاريع الاقليمية  لتفتيتها وتقسيمها تمهيدا لابتلاعها،سواء ادعوا الاسلام ام كانوا من غير المسلمين .

ان الرد على هكذا جرائم في مصر او في العراق او في اي ارض عربية أخرى ، يكون بالمزيد من الحوار الاسلامي المسيحي ، ومن هنا دعوتنا لكبار علماء الامة ، للمبادرة والفعل في هذا السياق لانها مسؤولية شرعية وقومية ووطنية . 

أما في لبنان فان القلق يبقى سيد الموقف ، لاسيما مع دخول البلد شهرا يقال عنه انه سيكون حاسما . لذا فان دعوتنا لنبذ التطرف على الصعيد الديني العام تصح ايضا على الصعيد السياسي . ونؤكد ان خلاص اللبنانيين كان وسيبقى في حضن دولتهم ، يلتزمون ما تقرره ، ولا يخرجون عن ثوابتها لاي سبب كان . وقد جاء الحادث الامني الاخير في طرابلس ليبين خطورة الفلتان الامني وعدم تولي الاجهزة الامنية الرسمية مسؤولية الحفاظ عليه .

اننا ندعو المسؤولين الى اعادة تحريك المؤسسات لمعالجة هموم الناس على اختلافها لا سيما منه  الامنية والمعيشية .

في فلسطين المحتلة تستمر ماساة الحصار على الشعب الفلسطيني وتستمر عملية تهويد الاراضي والممتلكان والمدن . اننا نرحب بنجاح قافلة آسيا الاولى في بلوغ قطاع غزة لكسر الحصار جزئيا عنه رغم محاولات القرصنة والاستفزاز الاسرائيلية المتعددة . لكننا نعتبر ان مواجهة الواقع القائم يتطلب اكثر من ذلك ، وخصوصا على المستوى السياسي العربي .

اننا نرحب باي تطور ايجابي في الدول العربية ، وقد فرحنا بتجاوز الكويت للازمة الاخيرة باعادة منح الثقة لحكومة الشيخ ناصر محمد الاحمد الصباح ، ما جنب البلد ازمة سياسية مضرة بوحدته واستقراره .

ان ما يجري في اليمن يقلقنا دائما ، ولكن لنا ملء الثقة بالقيادة الحكيمة للاخ علي عبد الله صالح ، حيث اصدر عفوا رئاسيا عن مجموعة من الحوثيين ، وهي خطوة ايجابية يجب تشجيعها وتعزيزها ، وتحصينها من قبل جميع الفرقاء اليمنيين والشروع في حوار وطني جامع تحت سقف الدولة الواحدة .

وفي تونس يسرنا ان الاخوة المواطنين استمعوا الى صوت العقل والحكمة الذي تجلى في خطاب الرئيس زين العابدين بن علي اثر الاضطرابات الاخيرة . ونحن ندعوهم الى عدم الانجرار الى اية انفعالات لان اي خلل في العلاقات الداخلية ينبغي معالجته بالحوار تحت سلطة القانون والمؤسسات .

                                                  لبنان / بيروت : 7/1/ 2011

 


  • المصدر : http://www.arabicmajlis.com/subject.php?id=1064
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 01 / 07
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28